(يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
التعليقات على متن لمعة الاعتقاد
50950 مشاهدة
(فصل في حق الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه)

ص ( ومحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وسيد المرسلين، لا يصح إيمان عبد حتى يؤمن برسالته، ويشهد بنبوته، ولا يقضى بين الناس في يوم القيامة إلا بشفاعته، ولا يدخل الجنة أمة إلا بعد دخول أمته، صاحب لواء الحمد، والمقام المحمود والحوض المورود وهو إمام النبيين، وخطيبهم، وصاحب شفاعتهم).


س 54 (أ) ما تقول في رسالة محمد صلى الله عليه وسلم. (ب) وما معنى كونه خاتم النبيين مع الدليل؟ (ج) وما سيادته المرسلين. (د) واذكر بعض فضائله. (هـ) وما لواء الحمد والمقام المحمود.
ج 54 (أ) نشهد أن محمدا رسول الله أرسله بالهدى ودين الحق إلى كافة الناس، وفضله بعموم الرسالة وخلودها، وهدى به من الضلالة وفتح به أعينا عميا، وآذانا صما، وقلوبا غلفا، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، وترك الأمة على مثل البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.
(ب) وهو خاتم النبيين أي آخرهم، وشريعته آخر الشرائع- قال تعالى: وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ [الأحزاب: 40]. وفي الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم- عد من أسمائه المقفي والعاقب وفسره بأنه الذي ليس بعده نبي وفي حديث ثوبان الطويل قال وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي .
(ج) وأما سيادته المرسلين، فظهرت ليلة الإسراء والمعراج بتقدمه إماما عليهم، وعلوه فوق جميعهم مقاما، إلى سدرة المنتهى، وإلى حيث شاء الله. وتظهر سيادته أيضا يوم القيامة، عندما يتأخر أكابر الرسل عن الشفاعة، حتى تنتهي إليه صلى الله عليه وسلم فيقول أنا لها أنا لها .
(د) وأما فضائله صلى الله عليه وسلم، فأكثر من أن يحاط بها، فهو أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة، وأول شافع وأول مشفع، وأول من يستفتح باب الجنة، وله المقام المحمود، والحوض المورود، وهو أكثر الأنبياء واردا، وقد شرح الله له صدره، ووضع عنه وزره، ورفع له ذكره، وهو وأمته أول من يجوز الصراط، وله الوسيلة وهي درجة في الجنة، إلى غير ذلك من مقاماته العلية.
(هـ) وأما لواء الحمد، فهو اللواء المعقود له يوم القيامة. وقد روى الترمذي وحسنه عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنا أول الناس خروجا إذا بعثوا، وأنا خطيبهم إذا وفدوا، وإنا مبشرهم إذا يئسوا، لواء الحمد يومئذ بيدي، وأنا أكرم على ربي ولا فخر. .
وروى أيضا عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا كان يوم القيامة كنت إمام النبيين، وخطيبهم، وصاحب شفاعتهم، غير فخر وروى الترمذي أيضا وحسنه عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وما من نبي يومئذ آدم فمن سواه إلا تحت لوائي الحديث.
وأما المقام المحمود فقد قال تعالى: عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا [ الإسراء: 79]، وفسر هذا المقام بأنه الشفاعة العظمى التي يحمده بها الأولون والآخرون.